ليست المرة الأولى التي تعلن فيها السعودية انحيازها بلا تردد للأوضاع الإنسانية في العالم، خصوصا في المحيط الإقليمي، خصوصا لأشقائها العرب وتحديدا للجيران. ولعل الدعم الإنساني الذي وجه به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للسودانيين البارحة الأولى، وفي هذه المرحلة الصعبة والحساسة، له معان واضحة في المساندة والمؤازرة اتباعا للنهج الإسلامي الحنيف والقاعدة الشرعية «المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص».
وليس خافيا أن السعودية تسعى جاهدة لأن يكون السودان على وجه الخصوص بعيدا كل البعد عن مؤشرات الألم والجوع والضيق، وهو السعي الذي ظل ملموسا على أرض الواقع على مدى عقود عدة، آخرها دعم الـ8 مليارات ريال في السنوات الـ4 الأخيرة لحكومة الرئيس «المقلوع» عمر البشير، إلا أنه للأسف لم ينعكس لا شكلا ولا مضمونا على الواقع المعيشي للشعب السوداني، مما أعطى اليقين بأن الدعم بات يذهب إلى غير محله، ويستغل في أغراض خفية لتكوينات وجيوب لا تراعي إلاًّ ولا ذمة في شعب صبور مسالم يتوق للعيش بسلام وأمان.
كما أن الدعم يبدو أنه ذاب في أجندات لا علاقة لها بوضع معيشي لشعب عانى الأمرين طيلة عقود عدة، وعاش ألمي المرارة والضنك على مدى سنوات، ولا علاقة له أيضا بوضع إنساني يعيش فيه الآلاف من المشردين في مخيمات اللاجئين غرب السودان، بسبب حروب أتت على الأخضر واليابس.
وتأتي قوة الدعم السعودي في الزمان والمكان، لتعكس من جديد، الحنكة التي يتمتع بها قادة هذه البلاد، فلم يكن في بداية سقوط رأس النظام السوداني عمر البشير، مما يؤكد أن الأمر لا يرتبط بشخصية ما، ولم يكن مع تولي نائبه ووزير دفاعه ابن عوف مقاليد المجلس العسكري، ولم يأت أيضا مع الساعات الأولى لإعلان تولي الفريق عبدالفتاح برهان لزمام الأمور بعد تنحي ابن عوف، مما يؤكد أن السعودية حريصة على وصول دعمها للشعب الشقيق لأنه الباقي، لا أشخاص، تتخطاهم الأزمنة والتي حتما تسجل ما لهم وما عليهم، بل جاء التدخل بعد تحليل عميق لواقع المشهد في السودان، والترحيب الواسع الذي ظهر في مجريات الشارع السوداني، بإسقاط رموز غير مقبولة لدى الشعب، وبعد قراءة للمطالب التي ظل السودانيون يرددونها على مدى الأشهر الماضية، وبعد بيان واضح من الرئيس الجديد للمجلس العسكري الفريق برهان، يختلف بشهادة فئات واسعة وطيف أوسع من الشعب السوداني جملة وتفصيلا عن البيان الأول، الذي لم يصطف مع مطالب الشعب، وينحاز لهم في اجتثاث فلول النظام المقتلع، ومحاكمة رموزه ممن نكلوا وقتلوا واعتقلوا أبناء الشعب السوداني.
ولم يقف الحال عند هذا الحد، بل جاء البيان السعودي أيضا بعد اجتماع عقده ممثلو المعارضة وقادة الحراك في السودان، مع المجلس العسكري، مما أعطى تأكيدا على أن صوت المفاوضات السلمية، الذي انحاز له الجميع هو سيد الموقف في التحول التاريخي للسودان. كما أن ما أظهره قادة قوى الحرية والتغيير بعد اللقاء، الذي وصف بالإيجابي، يعطي إشارات واضحة بأن ما يجمع السودانيين بعد «قلع» البشير، من رباط التلاقي أكثر مما يفرقهم من خيوط الاختلاف.
هذا على الصعيد الزماني، لكن هناك أيضا بعد على الصعيد المكاني، فالدعم لم يكن سريا، أو من تحت ستار، كما تفعل كثير من القوى الإقليمية وأذرعتها الساعية لفرض أجندات وأيدولوجيات تخطاها الزمن ودهستها رغبات الشعوب وتطلعاتها، بل واضحا حمل رسالة مفادها «تأييد السعودية لما ارتآه الشعب السوداني الشقيق حيال مستقبله».
وعلى الصعيد المكاني، جاء الدعم في وقت ما زال فيه السودانيون منشغلين بتكوين رؤيتهم الجديدة ومستقبلهم الجديد، مما يعني فوات الكثير من الفرص التنموية في هذا التوقيت، وما يصاحبه من آثار سالبة على الحياة الاقتصادية.
ولأن السعودية تدرك أن السودانيين يجب أن يتفرغوا لبناء بلادهم وفق تغليب المصلحة الوطنية، جاءت المساندة الأخوية لمؤازرتهم على مواجهة الصعاب في هذه المرحلة الحرجة والحساسة، فإذا ما عادوا من اتفاقات المسار الوطني، يجب ألا يصطدموا باقتصاد منهار لا يوفر لهم أبسط أبجديات الحياة، ليعودوا إلى المربع الأول، وهو الذي ينذر بسقوط كل من يحاول بدء المشوار في تطبيق المعايير المتفق عليها من حرية وسلام وعدالة.
وليس خافيا أن السعودية تسعى جاهدة لأن يكون السودان على وجه الخصوص بعيدا كل البعد عن مؤشرات الألم والجوع والضيق، وهو السعي الذي ظل ملموسا على أرض الواقع على مدى عقود عدة، آخرها دعم الـ8 مليارات ريال في السنوات الـ4 الأخيرة لحكومة الرئيس «المقلوع» عمر البشير، إلا أنه للأسف لم ينعكس لا شكلا ولا مضمونا على الواقع المعيشي للشعب السوداني، مما أعطى اليقين بأن الدعم بات يذهب إلى غير محله، ويستغل في أغراض خفية لتكوينات وجيوب لا تراعي إلاًّ ولا ذمة في شعب صبور مسالم يتوق للعيش بسلام وأمان.
كما أن الدعم يبدو أنه ذاب في أجندات لا علاقة لها بوضع معيشي لشعب عانى الأمرين طيلة عقود عدة، وعاش ألمي المرارة والضنك على مدى سنوات، ولا علاقة له أيضا بوضع إنساني يعيش فيه الآلاف من المشردين في مخيمات اللاجئين غرب السودان، بسبب حروب أتت على الأخضر واليابس.
وتأتي قوة الدعم السعودي في الزمان والمكان، لتعكس من جديد، الحنكة التي يتمتع بها قادة هذه البلاد، فلم يكن في بداية سقوط رأس النظام السوداني عمر البشير، مما يؤكد أن الأمر لا يرتبط بشخصية ما، ولم يكن مع تولي نائبه ووزير دفاعه ابن عوف مقاليد المجلس العسكري، ولم يأت أيضا مع الساعات الأولى لإعلان تولي الفريق عبدالفتاح برهان لزمام الأمور بعد تنحي ابن عوف، مما يؤكد أن السعودية حريصة على وصول دعمها للشعب الشقيق لأنه الباقي، لا أشخاص، تتخطاهم الأزمنة والتي حتما تسجل ما لهم وما عليهم، بل جاء التدخل بعد تحليل عميق لواقع المشهد في السودان، والترحيب الواسع الذي ظهر في مجريات الشارع السوداني، بإسقاط رموز غير مقبولة لدى الشعب، وبعد قراءة للمطالب التي ظل السودانيون يرددونها على مدى الأشهر الماضية، وبعد بيان واضح من الرئيس الجديد للمجلس العسكري الفريق برهان، يختلف بشهادة فئات واسعة وطيف أوسع من الشعب السوداني جملة وتفصيلا عن البيان الأول، الذي لم يصطف مع مطالب الشعب، وينحاز لهم في اجتثاث فلول النظام المقتلع، ومحاكمة رموزه ممن نكلوا وقتلوا واعتقلوا أبناء الشعب السوداني.
ولم يقف الحال عند هذا الحد، بل جاء البيان السعودي أيضا بعد اجتماع عقده ممثلو المعارضة وقادة الحراك في السودان، مع المجلس العسكري، مما أعطى تأكيدا على أن صوت المفاوضات السلمية، الذي انحاز له الجميع هو سيد الموقف في التحول التاريخي للسودان. كما أن ما أظهره قادة قوى الحرية والتغيير بعد اللقاء، الذي وصف بالإيجابي، يعطي إشارات واضحة بأن ما يجمع السودانيين بعد «قلع» البشير، من رباط التلاقي أكثر مما يفرقهم من خيوط الاختلاف.
هذا على الصعيد الزماني، لكن هناك أيضا بعد على الصعيد المكاني، فالدعم لم يكن سريا، أو من تحت ستار، كما تفعل كثير من القوى الإقليمية وأذرعتها الساعية لفرض أجندات وأيدولوجيات تخطاها الزمن ودهستها رغبات الشعوب وتطلعاتها، بل واضحا حمل رسالة مفادها «تأييد السعودية لما ارتآه الشعب السوداني الشقيق حيال مستقبله».
وعلى الصعيد المكاني، جاء الدعم في وقت ما زال فيه السودانيون منشغلين بتكوين رؤيتهم الجديدة ومستقبلهم الجديد، مما يعني فوات الكثير من الفرص التنموية في هذا التوقيت، وما يصاحبه من آثار سالبة على الحياة الاقتصادية.
ولأن السعودية تدرك أن السودانيين يجب أن يتفرغوا لبناء بلادهم وفق تغليب المصلحة الوطنية، جاءت المساندة الأخوية لمؤازرتهم على مواجهة الصعاب في هذه المرحلة الحرجة والحساسة، فإذا ما عادوا من اتفاقات المسار الوطني، يجب ألا يصطدموا باقتصاد منهار لا يوفر لهم أبسط أبجديات الحياة، ليعودوا إلى المربع الأول، وهو الذي ينذر بسقوط كل من يحاول بدء المشوار في تطبيق المعايير المتفق عليها من حرية وسلام وعدالة.